30 نوفمبر 2025
نوفمبر 2025
نظّم المجلس الأعلى للقضاء اليوم بمسقط مؤتمراً دوليًّا بعنوان: "الوساطة: مستقبل تسوية المنازعات"، وبمشاركة خبراء ووسطاء ومحكّمين دوليين من مختلف دول العالم، وذلك تحت رعاية معالي السيد محمد بن سلطان البوسعيدي نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء.
وسلّط المؤتمر الضوء على الدور المتنامي للوساطة في تحقيق العدالة الناجزة وتخفيف العبء عن المحاكم.
وقال معالي الدكتور عبدالله بن محمد السعيدي وزير العدل والشؤون القانونية في كلمة له عبر الاتصال المرئي: إن تنظيم المجلس الأعلى للقضاء يعكس مستوى التعاون والتكامل بين كافة الجهات في سلطنة عُمان، ويجسد الرؤية الوطنية التي تجعل من العدالة دعامة أساسية للاستقرار والتنمية، ومن الوسائل البديلة لتسوية المنازعات ومجالاً رحبًا لتعزيز كفاءة المنظومة القضائية وتحقيق العدالة الناجزة، مؤكدًا أن القضاء يظل هو الركن الركين في تحقيق العدل، تعضده أذرع داعمة تسند منظومته، وتسهم في تحقيق رسالته السامية، وفي مطلعها التسوية بين أطراف النزاع.
وأضاف معاليه أن التسوية أضحت إحدى ركائز العدالة الحديثة التي تجمع بين روح القانون وجوهر العدالة الاجتماعية، ويتم بمقتضاها الانتقال من منطق النزاع إلى منطق التفاهم، ومن ثقافة الحكم الواجب إلى ثقافة الرضا المتبادل، وهذا ما يجعلها أداة متقدمة تعكس نضج المجتمعات ومدى إيمانها بقيم الحوار المبني على حفظ الحقوق.
وأوضح معاليه أن التسوية لا تقتصر على إنهاء الخصومة، بل تتعداها إلى إصلاح العلاقات الإنسانية، واستعادة الثقة بين الأطراف المتنازعة، وتخفيف الأعباء عن المنظومة القضائية، في ظل تزايد عدد القضايا وتعقد طبيعة النزاعات، مضيفًا أن البعد الإنساني والاجتماعي للتسوية، تعد اليوم رافدًا اقتصاديًّا مهمًا، تسهم في تحسين بيئة الاستثمار وتعزيز جذب الاستثمارات، من خلال توفير آلية سريعة وأكثر توافقًا لتسوية المنازعات.
وأشار معاليه إلى أن التسوية في جوهرها امتداد حضاري لموروث عُماني أصيل، جعل الإصلاح بين الناس سلوكًا اجتماعيًّا راسخًا، ومن الحوار طريقًا لتقريب وجهات النظر وحفظ المودة.
ولفت معاليه إلى أهمية وضع الأطر التشريعية والتنظيمية التي تضمن ممارستها في بيئة قانونية منضبطة تحفظ الحقوق وتكفل الثقة في نتائجها، وتعزز مكانة سلطنة عُمان كمركز إقليمي للعدالة والتحكيم والتسوية والنهوض بالكفاءات المؤهلة القادرة على القيام بمهام التسوية بمهنية وحياد، وهو ما يفرض تأهيل الوسطاء القانونيين، ووضع معايير مهنية ودقيقة تحكم أداءهم؛ لضمان نزاهة هذه الوسيلة وفاعليتها.
ويأتي تنظيم المؤتمر في إطار توجهات المجلس الأعلى للقضاء لتعزيز كفاءة منظومة العدالة وتطوير الوسائل البديلة للتقاضي في سبيل حلّ المنازعات، بما يدعم بيئة الأعمال والاستثمار ويرسّخ ثقة الأطراف في منظومة القضاء.
من جانبه قال سعادة عيسى بن حمد العزري أمين عام المجلس الأعلى للقضاء: إن طرق حلّ المنازعات والوصول إلى العدالة في الحقبة المعاصرة لا تقتصر على المحاكم التقليدية، فقد شهد العالم تطوراً كبيراً في مفاهيم التقاضي، وأصبح من الضروري مواكبة هذا التطور من خلال التوسع في أدوات حلّ المنازعات بالطرق الودية، لما لها من أثر في تقليل الأعباء على المحاكم، وتسريع الفصل في النزاعات والحفاظ على العلاقات التجارية والاجتماعية بالإضافة إلى جذب الاستثمار وإيجاد مناخ قانوني آمن للمشروعات والشركات.
وأضاف سعادته أن الوساطة جزء مكمل للعدالة تسهم في تعزيز الاستقرار المجتمعي والاقتصادي، وتفتح مجالات واسعة أمام الأطراف للوصول إلى حلول ترضي الجميع، كما تمنح للمستثمرين سبيلاً سريعًا وموثوقًا لحلّ النزاعات بعيدًا عن الإجراءات المطوّلة، وبعيدًا عن المشاحنات التي قد تفضي إلى مزيد من القطيعة، مما ينعكس إيجابًا على كفاءة بيئة الأعمال داخل البلد، ويعزز موقعها في مؤشرات التنافسية والحوكمة، بالإضافة إلى ما توفره من السرية والخصوصية التي يحتاجها الأطراف.
وأفاد أن سلطنة عُمان عرفت عبر تاريخها بأنها أرض الحوار والتسامح والتفاهم، وعرف عن الشعب العُماني تقبله الكبير لثقافة الصلح، بما يعكس تجذر القيم الإسلامية لديه في الإصلاح بين الناس وفي ممارسات المجتمع وموروثه القانوني وهو ما دفع الدولة وهي تخط تشريعاتها وأنظمتها القانونية إلى ترسيخ هذا النهج بأسس حديثة.
وأشار إلى أن المجلس الأعلى للقضاء تبنّى مشروع تطوير الوسائل البديلة للتقاضي" وهو أحد مشروعات الخطة الاستراتيجية للمجلس، ويجري تنفيذه ضمن مشروعات الخطة التشغيلية الأولى (۲۰۲٤-۲۰۳۰) وذلك بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
